يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ
يعلم ما أمامهم مستقبلاً وما وراءهم والقصود إحاطة علمه بأمورهم الماضية والمستقبلية ويعلم أحوال الشافع الذي يشفع ودافعه ولماذا طلب
الشفاعة ويعلم المشفوع له وهل يستحق استجابة الطلب هذا عام فهذ الدلالة الأولية
.
في سورة مريم قال تعالى: (له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك) فما الحمكة أنها لم ترد على هذا الاسلوب في آية الكرسي؟ في سورة مريم
سياق الآيات عن الملك (ولهم رزقهم فيها، تلك الجنة التي نورث من عبادنا، رب السموات والآرض..) الذي يرزق هو الذي يورّث فهو مالك
وقوله رب السموات فهو مالكهم) أما في سورة آية الكرسي فالسياق عن العلم (يعلم ما بين أيدينا) وبعد هذه الجملة يأتي قوله (ولا يحيطون بلمه
إلا بما شاء) أي ان السياق في العم لذا كان أنسب أن تأتي (يعلم ما بين أيدينا وما خلفنا) وهذه الجملة هي كما سبق توطئة لما سيأتي بعدها.
وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء
ما هي فائدة (ما)؟ هي تحتمل معنيين في اللغة هنا تحتمل أن تكون مصدرية بمعنى (لا يحيطون بشيء من علمه إلا بمشيئته) وتحتمل أن تكون
اسماًً موصولاً بمعنى (إلا بالذي شاء) وهنا جمع المعنيين أي لا يحيطون بعلمه إلا بمشيئته وبالذي يشاؤه أي بالعلم الذي يريد وبالمقدار الذي
يريد. المقدار الذي يشاؤه نوعاً وقدراً. فمن سواه لا يعلم شيئاً إلا إذا ما أراده الله بمشيئته وبما أراده وبالقدر الذي يشاؤه والبشر لا يعلمون ا
لبديهيات ول أنفسهم ولا علّموا أنفسهم، فهو الذي شاء أن يعلّم الناس أنفسهم ووجودهم والبديهيات التي هي أساس كل علم. من سواه ما كان ل
يعلم شيئاً لولا أن أراد الله تماماً كما في قوله في سورة طه: (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما) أي بذاته في المعنى. إذن لماذا
ذكر نفي الإحاطة بالذات في سورة طه ونفى الإحاطة بالعلم في آية الكرسي؟ في سورة طه جاءت الآية تعقيباً على عبادة بني اسرائيل للعجل وقد
صنعوه بأيديهم وأحاطوا به علماً والله لا يحاط به، لقد عبدوا إلهاً وأحاطوا به علما فناسب أن لا يقول العلم وإنما قال (ولا يحيطون به علما) أما
في آية الكرسي فالسياق جاء في العلم لذا قال تعالى (لا يحيطون بشيء من علمه)